مشروعات التعليم العالي : الاستثمار في المستقبل

Abstract

مشروعات التعليم العالي: الاستثمار في المستقبل د. علي بن سليمان العطية تصدر التعليم أولويات التنمية في المملكة منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وتسارعت وتيرة تطوره مع انطلاقة خطط التنمية الخمسية التي شهدت وضع اللبنات الأولى للتعليم الجامعي الحديث بعد استكمال الجزء الأكبر من بنيات التعليم العام ببناء آلاف المدارس في مختلف المراحل. ومع بلورة وتطور إستراتيجية تنمية الموارد البشرية الشاملة في السنوات الأخيرة والتي أولاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز رعايتهما واهتمامهما تضاعف التركيز على التعليم الجامعي والعالي ووفرت القيادة السعودية إمكانيات وموارد ضخمة للنهوض بالتعليم العالي والتوسع في بنياته الأساسية من جامعات وكليات بما يتواكب مع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والجهود الضخمة التي تبذلها الدولة للارتقاء بمستوى المواطن السعودي وإعداد وتأهيل أجيال المستقبل من الشباب السعودي القادر على استكمال نهضة بلاده مسلحاً بالعلوم العصرية والمعرفة والتدريب العالي. وجاء اهتمام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين بتطوير التعليم الجامعي في المملكة ترجمة حقيقية لشعار أن الإنسان السعودي هو الثروة الحقيقية وهو محور خطط التنمية الآنية والمستقبلية وان الاستثمار في مجالات التعليم الجامعي والبحث العلمي هو استثمار في المستقبل وفي بناء الكوادر الوطنية المؤهلة للاستجابة لتحديات العصر العلمية والتقنية في كل المجالات. ومن هذا المنطلق جاءت مشروعات وزارة التعليم العالي التي تم تدشينها أو وضع حجر أساسها في مناطق المملكة المختلفة والتي شملت منظومة متكاملة من الجامعات والكليات بهدف توطين التعليم العالي ومنح كل منطقة من مناطق المملكة حظها من التنمية المتوازنة في قطاع التعليم بما ييسر للطلاب والطالبات فرص الدراسة الجامعية في مناطقهم مع ما تمثله الجامعات في بقاع المملكة المختلفة من منابر إشعاع علمي وحضاري وما تتيحه من إمكانيات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يتناسب مع خصوصية كل منطقة وإمكانياتها ومواردها الاقتصادية. وبفضل الله ثم بجهود المسؤولين في وزارة التعليم العالي وعلى رأسهم معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري أمكن ترجمة أهداف رؤية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين إلى واقع ملموس يجسده إنشاء (12) جامعة جديدة في مناطق المملكة المختلفة ليرتفع بذلك عدد الجامعات الحكومية من (8) إلى (20) جامعة وصاحب ذلك جهد كبير لزيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات والكليات القائمة لإتاحة فرص القبول لأكبر عدد من الطلاب والطالبات في الكليات التي يرغبونها، وبلغت تكلفة المرحلة الأولى للجامعات والكليات الجديدة أكثر من ستة مليارات ريال، حيث بدأ القبول في عدد من كليات الجامعات الجديدة وستزداد الطاقة الاستيعابية لهذه الجامعات تدريجياً وفق خطط مراحل استكمال منشآتها ومدنها الجامعية. لقد بدأت مشروعات التوسع الأفقي والرأسي التي تنفذها وزارة التعليم العالي تعطي ثمارها، فقد أمكن - بحمد الله - توفير فرص قبول بنسبة 71% من مجموع خريجي الثانوية هذا العام في الجامعات الحكومية بمجموع (186) ألف مقعد ستتيح فرصة الدراسة في الجامعات الحكومية هذا العام، ويضاف إلى هذا الجهد العمل الكبير الذي أنجزته الوزارة في إنهاء ترتيبات ابتعاث أكثر من (18) ألف طالب وطالبة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي تصل تكلفته إلى (10) مليارات ريال. ولم تقتصر مشروعات تطوير التعليم الجامعي على إنشاء الجامعات والكليات بل سعت الوزارة إلى الاستجابة لتوجيهات القيادة الرشيدة بضرورة الاهتمام بالبحث العلمي وتطوير آلياته. وفي هذا الصدد أطلقت الوزارة سلسلة من المبادرات من أهمها إنشاء مراكز التميز البحثي في الجامعات، حيث خصصت الوزارة (450) مليون ريال لإنشاء (7) مراكز بحثية متخصصة في عدد من الجامعات السعودية، كما وضعت الوزارة خططاً للتوسع في هذه المراكز التي تعنى بالبحث العلمي من خلال إنشاء المزيد من هذه الروافد التي تثري العمل الأكاديمي والعلمي في بقية الجامعات. إن السنوات القليلة القادمة ستكشف مدى جدوى هذا الاستثمار الضخم في مشروعات التعليم الجامعي والعالي في المملكة، فالدول المتقدمة بدأت نهضتها بالتعليم، ومع استكمال مراحل إنشاء منظومة جامعاتنا الوطنية وانضمام مخرجاتها إلى سواعد البناء والإنتاج، فإن بلادنا موعودة بإذن الله بتنمية بشرية تتواءم مع نهضتها الاقتصادية الشاملة ونموها السريع وبما يحقق هدف توطين التعليم العصري المتطور بكل تخصصاته. @المستشار والمشرف العام على الإدارة العامة للشؤون الإدارية والمالية