الطلاب المبتعثون لبريطانيا وضعوا الأسس الأولى للعمل التطوعي

Abstract

تجربة العمل التطوعي وخدمة الغير نشأت مع الطلاب السعوديين المبتعثين لبريطانيا منذ ما يزيد على ربع قرن، وهي تجربة جديرة بالاحترام والتقدير لنجاحها على جميع المستويات. فقد نجح المبتعثون في تكوين مجتمعاتهم الصغيرة التي هدفت إلى التقارب ومعاونة بعضهم بعضا خلال فترة الاغتراب. كما ساعدت على كشف القدرات القيادية لعديد من الشباب الذين برعوا في تقديم الصورة المشرقة لأبناء الوطن من خلال تكوين الصورة الحسنة للمبتعثين السعوديين وأسرهم، وإيصال الرسالة السمحة التي تتبناها المملكة وقادتها. اختلفت الأنشطة المقدمة من خلال الأندية الطلابية في الخارج، لكن لنذكر أهم هذه الأنشطة التي يمارسها أيضا الطلاب المبتعثون من أبناء الجاليات الأخرى كالماليزيين والصينيين وغيرهم. أهم هذه الأنشطة, بعد التآلف والتقارب مع أبناء الوطن, خدمة الأسر والمبتعثين الجدد، وتهوين أو تخفيف صدمة الانتقال للعيش في ثقافة مغايرة، ومساعدة المبتعث الجديد على تخطي الأيام الأولى, وعادة ما تكون أصعب فترات الابتعاث. وساهمت هذه المراكز في إبقاء أبناء الوطن على تواصل وتعارف حواري وثقافي يصب في مصلحة الوطن أولا. كما أنها كانت اليد الوحيدة التي تتواصل مع الجاليات الأكاديمية والثقافية المحلية في مقار الابتعاث، لنقل الصورة المشرقة عن المملكة من خلال المشاركة في الملتقيات والمعارض، أو تبني المعارض والاحتفالات الخاصة التي جعلت اسم المملكة وحضارتها يترددان على المجتمعات المحلية في مقار الابتعاث. يبقى السؤال الأهم: هل كسب المبتعثون أي جديد من خلال هذه الأندية؟ وأقول نعم, لقد كسب المبتعث كثيرا, وهذه المكاسب يجب أن تعود بالنفع على الوطن, فقد صقلت مواهب قيادية عظيمة من خلال التعامل مع الأنشطة والفعاليات المقدمة باسم الأندية. والجدير بالذكر هنا أن الأندية الطلابية مرت بمراحل عصيبة على مدار ربع القرن الماضي، ولولا تدخل الملحقية الثقافية والسفارة للتواصل مع حكومة خادم الحرمين الشريفين، وتبني مثل هذه الأندية ورعايتها، لتوقف العمل فيها منذ زمن. وفي رسالة وجهها الدكتور عبد العزيز خوجة وزير الإعلام وعنونها برسالة إلى المبتعثين، وهو المبتعث السابق لبريطانيا، يقول ''إن تجربة الابتعاث ليست مجرد شهادة علمية، هي تجربة حياتية متكاملة، ولن تحقق هذه التجربة أهدافها المرتجاة، إذا خاضها المبتعث/ المبتعثة من مواقف مسبقة أو انطباعات جاهزة، بمعنى: أنه من الضرورة أن تُخاض تجربة الابتعاث بموقف الطفل الذي وصل للحياة في التو.. مع بعض الفوارق. فالتفوق العلمي والتميز الإبداعي، لا يتحقق فقط داخل أروقة الجامعة ومعامل المختبرات وقاعات الامتحان، بل إنني أستطيع القول إنه إذا لم ينعكس هذا التفوق في معترك الحياة نفسها فلا ضرورة له، أو بشكل أدق: لن يستفاد منه. أتفق مع الوزير، على أن العلم أصبح متوافرا في كل مكان، إن ما يميز نجاح مبتعث من مبتعث هو المكتسبات التي يحققها من رحلة الابتعاث لشخصه ولوطنه من قبل''، انتهي حديث الوزير، وبالإمكان الرجوع إلى هذه الرسالة للاستزادة مما جاء فيها. خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يتبنى أكبر برنامج ابتعاث يمر على البلاد، بل أجزم أنه من أكبر برامج الابتعاث في العالم، تحمل الكثير في سبيل رفعة أبنائه المبتعثين، ولا يريد منهم أن يعودوا بمعارف جديدة فقط، يريد منهم أن يكتسبوا خبرات تؤهلهم لخوض المراحل المستقبلية بالحوار والاجتهاد ورفع اسم المملكة عاليا. تبقى تجربة الأندية الطلابية في بريطانيا في حاجة إلى التأريخ والتوثيق، ثم التعميم على جميع المبتعثين، كما أن الوطن في حاجة إلى الكفاءات التي اكتسبت الخبرات القيادية في العمل التطوعي في فترة الابتعاث للمساهمة في صياغة العمل التطوعي في الداخل.